و لم أعى ذلك إلا متأخرا
عندما ازداد صوتى عمقا
و رأيى سفاهة
أصيح كالبوق
أنعق بما لا أسمع
و عندما أصبحت أجوفا
أحبتنى جميلة الدنيا الفاتنة
و قالت عنى
أنى أريب محيط واع بما حولى من المظاهر الفانية
و تنقصنى بعض من المعانى الخالدة
و معانيها الخالدة حتمية
من لذة و منفعة و بربرية
و غابة و وحوش استعمارية
تسقينى كل يوم جرعة من خمر حلوة المذاق
تزيد عطشى إلى الأشياء
كل يوم أريد هذا و ذاك
و تلك و هؤلاء
و تتسع عينى ناحية كل منتفخ
و نتنصت أذنى ناحية الرنين المستعر
أشتهى ثقافة المنظر
و أميت الحاضر بالمستقبل
و تركت كل ما أعاقنى
و تنصلت من كل ما يقيدنى
و تفككت مسئولياتى تباعا
لا هم لى إلا أنتى
و مرضاتك عنى
و اشتياقى إليك
أنا المريض بحبك
أكرهك حتى الثمالة
يا دنيا الخراب
و الغدر و العذاب
متى ترحلين بشرابك المقيت عنى
متى تدعيننى و شأنى
أين حياتى و مماتى
أين جوهر أفعالى
أين حقيقة آمالى
أين الطيبون الشرفاء
و ديدن الرجال العظماء
أين البرايا
أين الرجال
أجوف أنا
فمن يملأنى حكمة؟