خرافة التقدم و التخلف (جلال أمين) أ

يجب أن أشكر هنا صديقى أحمد جمال الذى أتاح لى قراءة الكتاب قبل أن يقرأه هو شخصيا

و للعلم فلم أكمل قراءته بعد

و لكننى آثرت أن أورد تلك الفقرة خاصة بعد القصة الكئيبة التى أودعتها كآبة استقرت فى النفس و حزنا على كثيرين ممن أعرف و ممن سأعرف

و لعلى أورد تلخيصا للكتاب فى كليته بعد أن أفرغ من قرائته

و كما يعلم البعض، فإن تلخيص بعضا من أجزاء الكتب له أبلغ الأثر فى إيصال المراد و تثبيت الفكرة و تحسين الكتابة

————

يتحدث الكاتب عن خرافة التقدم و التخلف

و الفهم السطحى لدى الكثير من الناس بأن الآن لهو قطعا أفضل من الماضى، و أن المستقبل لهو قطعا أفضل من اليوم

و على هذا الأساس فكل ما هو قديم يجب أن يكون رديئا

و كل ماهو حديث يجب أن يكون حسنا

و أيضا ذكر أن اليونانيون قديما ( ووافقهم ابن خلدون) يرون أن الحضارة هى كحياة الإنسان، تولد ثم تموت و من ثم لا يجب قياس تقدم أو تخلف الأمم فى سياق زمنى محدد و إنما فى سياقات عدة من التاريخ الإنسانى.

سأذكر هنا طرفة ذكرنى بها جمال أيضا عن الأب الذى قال لإبنه كى يحثه على اللإستذكار

“نابليون لما كان فى سنك كان بيذاكر كل حاجة لوحده”

فرد عليه الإبن

“يا بابا نابليون لما كان فى سنك كان امبراطور”

أخلص من هذا ان التقدم و التأخر لا يعتمد اعتمادا كليا على الزمن أو على الرفاهية الإقتصادية (و التى يدور حولها فكر الكاتب)، على أنى أود أن أذكر أنى لم أكمل القراءة بعد

و الآن إلى النص الذى أردت نقله من دون تحريف من الصفحة 49 إلى 50

بمثل هذه الحيل و فى ظل هذه الترتيبات يمكن أن يتفرغ تقرير التنمية الأنسانية العربية “للتشهير بالعرب”، و فى هذا العام بالذات (2003)  يجرى التركيز على “أحوال المعرفة”، بعد أن وضع التقرير الأول الخلفية العامة لمختلف النقائص العربية: فى ميادين الحرية و المعرفة و تمكين المرأة. و كما حدث فى التقرير الأول، يحاول أصحاب هذا التقرير إخفاء تحيزاتهم وراء دخان كثيف من الأرقام، فيستخدمون هذه الأرقام لإظهار العرب فى صورة باعثة على الرثاء و الإحتقار، إذ تذكر الأرقام بمعزل عن ظروفها و مسبباتها، و يجمع الصالح و الطالح فى رقم واحد فيبرز الجانب السلبى على حساب الإيجابى، و لا يميز تمييزا كافيا بين أداء بلد عربى و بلد عربى آخر، على أمل أن يطيح الأداء السيئ بالأداء الجيد، ولا تمييزا كافيا بين فترة و أخرى، على أمل أن يخفى ما حدث فى فترة طويلة سيئة، ما يمكن للعرب أن يفعلوه فى ظل ظروف أفضل.


و فى جميع الأحوال يمتنع الكلام عن أى ضغط خارجى مارسته دولة أجنبية أو مؤسسة دولية، أو عن المتاعب التى سببتها سياسة الإنفتاح، فمثل هذا يعتبر من قبيل “المسلك الهروبى . . المريح للنفس المكدودة و لكن شديد الخطر”. باختصار، يسد تقرير التنمية الإنسانية العربية على العرب أى منفذ للهروب، حتى لو كانت نفوسهم مكدودة جدا، لكى ينهال عليهم التقرير برقم بعد آخر مما يزيد شعورهم بالهم و النكد.


من ذلك مثلا ما فعله التقرير السابق من مقارنة الناتج القومى الإجمالى للدول العربية بالناتج القومى الإجمالى لإسبانيا، و قوله إن مجموع الناتج القومى للإثنتى و عشرين دولة عربية هو أقل من الناتج القومى الإجمالى لدولة واحدة هى إسبانيا

و هو قول صحيح و لكن قوله هكذا مجرد من أى تفسير أو توضيح، لا ينطوى على أكثر من عملية إذلال و إهانة للعرب و تقديم سلاح جديد ليستخدمه أعداؤهم للإمعان فى إهانتهم و إذلالهم. وهذا ما حدث بالفعل، إذ لم يفت أى شخص من المهتمين بالتشهير بالعرب فى الغرب وفى بلادنا على السواء استخدام هذه المقارنة مع الإشارة إلى أن مصدر هذه المعلومة تقرير كتب بأيدى عرب مرموقين، و صادر عن هيئة دولية! لقد اختار كاتبو التقرير إسبانيا بالذات، لأنها دولة لا تقترن فى الذهن بالتقدم الإقتصادى الباهر، ومن ثم فتفوقها على 11 دولة عربية مجتمعة لابد أن ينطوى على إذلال أكبر  للعرب. و لكن هذا الإنطباع المهين ينطوى أيضا على قدر كبير من التضليل. فكثرة عدد الدول العربية يستخدم هنا للإيحاء بالعجز رغم الكثرة، مع أن سبعة من هذه الدول العربية يقل عدد سكانها مجتمعة عن نصف عدد سكان إسبانيا، و الفشل و الضعف من ناحية العرب، مع أن زيادة طفيفة فى سعر النفط يمكن أن تجعل هذه المقارنة لصالح العرب.

و العبارة توحى على أى حال بأن هناك شيئا شاذا فى العرب جعل دولة واحدة كإسبانيا تتفوق عليهم جميعا، مع أن نفس المقولة تنطبق أيضا، و بدرجة أشد درامية على دولة كالهند، إذ أن الناتج القومى لإسبانيا، التى لا يزيد عدد سكانها على 40 مليونا، يزيد على الناتج القومى للهند الذى يبلغ عدد سكانها 25 مر قدر سكان إسبانيا. و لكن من حسن حظ الهند أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائى ليس مشغولا فى هذه الأيام بالتشهير بالهند، بل يفضل التركيز على العرب.

———————–

إنتهى النص الذى أردت إقتباسه على أن وراءه الكثير مما يقض مضجع المرء

نعم إرتبطت أذهان الكثير منا إلى عقدة الخواجة كأنهم هم المتقدمون و نحن ولاد ستين فى سبعين

أواجه مشكلة شخصية مع هذا النمط من التفكير الذى أصبح عماده التواكل و ترك مجريات الأمور فى أيدى الآخرين

عندما دخلت العمل أول مرة قال لنا رئيسنا يجب أن نلحق بركاب الغرب المتقدم

و حتى فى مكان العلم الذى أريد أن أظفر منه بالتصديق على مهاراتى لا أجد أيدولوجيته إلا الأسوأ فالأسوأ

فنحن دوما لا نمتلك الإمكانيات

و على هذا الأساس فلا مانع من تقليل الدقة و فبركة البيانات

ثم و الأدهى أننا و بهذا التفكير الممل

تجد جميع الناس لا يذكرون إلى فكرة السفر كهروب من الجحيم

و بالطبع فإن السفر للدول الغربية و العمل فى تنظيف الصحون لهو أفضل و أجمل طرا من العمل هنا

وربما أتقبل هذا المنطق ممن لم يتلق التعليم الكافى و ممن لم يؤتى المهارات الكافية

و لكنى قطعا أشمئز ممن يقوله و هو من هو فى علمه و معرفته وهيمنته على من هم سواه

————–

و الشكر لمن قرأ و لم يعلق

Comments are closed.